روعي عند تكوينه ما
يحقق الغرض الذي تكّون من أجله دون إطالة قد تسبب تخمر الغذاء فيه، أو قصر يؤدي
إلى اندفاع الغذاء إليه بما قد يؤذيه.. اذا ما فكرنا في ذلك فلا نملك إلا أن نعترف
بقدرة الصانع ولطف الخالق.
وعندما يبلغ الحمل
نهايته تفرز غدد الأنثى إفرازات كثيرة متعددة الأغراض، فمنها ما يساعد على
انقباضات الرحم وتقلصاته، ومنها ما يسهل عملية انزلاق الجنين، ومنها ما يعمل على
مساعدة المولود في أن يكون نزوله بالوضع الطبيعي.
وباعتبار أن الثدي
غدة كذلك، فهو يفرز في نهاية الحمل وبدء الوضع، سائلاً أبيض مائلاً إلى الأصفر،
ومن عجيب صنع الله أن هذا السائل عبارة عن مواد كمياوية ذائبة تقي الطفل من عدوى
الأمراض.
وفي اليوم التالي
للميلاد يبدأ اللبن في التكّون، ومن تدبير المدبر الأعظم أن يزداد مقدار اللبن
الذي يفرزه الثدي يوماً بعد يوم، حتى يصل إلى حوالي لترين ونصف لتر في اليوم بعد
سنة، بينما لا تزيد كميته في الأيام الأولى على بضع أوقيات.
ولا يقف الإعجاز
عند كمية اللبن التي تزيد على حسب زيادة الطفل، بل إن تراكيب اللبن كذلك تتغير نسب
مكوناته وتتركز مواده، فهو يكاد يكون ماء به القليل من النشويات والسكريات في أول
الأمر، ثم تتركز مكوناته فزيد نسبته السكرية والدهنية فترة بعد أخرى، بل يوماً بعد
يوم بما يوافق أنسجة وأجهزة الطفل المستمر النمو، وعملية استخلاص اللبن في الثدي
عملية عجيبة، تثبت وجود الخالق وتدلل على قدرته.
وجهاز الرضاع الذي
نراه بعين الغفلة، فلا نكاد نبصره عالم من عجائب الرحمة الإلهية.
فالثدي أوعية شبكية
كبيرة العدد، دقيقة الحجم، تتميز عن غيرها من الأوعية الدموية بكثرة مرور الدم
فيها كثرة ملحوظة، وهذه الأوعية تحيط بفجوات متسعة مبطنة