ومنه قوله تعالى:﴿ وَلَقَدْ
هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ
لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا
الْمُخْلَصِينَ﴾ (يوسف:24)، فقد أخبر تعالى أن سر صرفه عن السوء والفحشاء
ما سبق منه من الإخلاص لله.
ومثله قوله تعالى:﴿ وَلَمَّا
بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي
الْمُحْسِنِينَ﴾ (يوسف:22)، فقد أخبر تعالى أن الحكم والعلم جزاء لحسنة
الإحسان.
ومنه قوله تعالى:﴿ يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ
لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾ (الأحزاب:70 ـ71) فقد أخبر
تعالى أن من جزاء تقوى الله والقول السديد صلاح الأعمال.
ومنه قوله تعالى:﴿ قُلْ
أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ
مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا
عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ﴾ (النور:54)، فقد أخبر تعالى
أن من جزاء الطاعة الهداية.
والشواهد على هذا
المعنى كثيرة في القرآن الكريم، وهي تدل على انسياق الطبيعة الإنسانية إلى ما
يفعله صاحبها من أفعال سلوكية.
فالسلوك الإنساني
زيادة على أنه المحدد لطبيعة الإنسان، والتي بموجبها يتم ثوابه أو عقابه قد انطوى
على رحمة القابلية للتغير.
فالطبيعة الإنسانية
المنتكسة في حمأة الرذيلة يمكنها بحسنة واحدة أن تسترجع فطرتها الأصلية، فالحسنة
تلد الحسنات، والحسنات هي المطهر الشرعي لما يلحق بالفطرة من أوزار.
لذلك كان سلوك
الإنسان في كل الأحوال هو المزيج المؤلم لهذا النوع من الرحمة.