بل نرى أن ما أخبر
عنه a من رجوع الخلق إلى الأنبياء ـ عليهم السلام ـ هو
مرحلة أخيرة سبقتها مراحل طويلة من البحث المضني عن السبيل للخلاص.
فلذلك لم تكمل
الرحمة لأحد إلا لواحد، فاستحق ذلك المقام المحمود.
عن ابن عمر قال:(
إن الناس يصيرون يوم القيامة جثاء، كل أمة تتبع نبيها يقولون: يا فلان اشفع، يا
فلان اشفع، حتى تنتهي الشفاعة إلى محمد a، فذلك يوم
يبعثه اللّه مقاماً محموداً)، وفي رواية:( إن الشمس لتدنو حتى يبلغ العرق نصف
الأذن، فبينما هم كذلك استغاثوا بآدم، فيقول: لست بصاحب ذلك، ثم بموسى فيقول كذلك،
ثم بمحمد صلى اللّه عليه وسلم فيشفع بين الخلق، فيمشي حتى يأخذ بحلقة باب الجنة،
فيومئذ يبعثه اللّه مقاماً محموداً، يحمده أهل الجمع كلهم) [1]
ومثل ما ذكرنا من
الرحمات الخاصة برسول الله a الرحمات الخاصة بغيره من
المقربين، فلكل منهم من الرحمة ما يتناسب مع طبيعته التي نم عنها سلوكه في الدنيا.
ولا بأس أن نذكر
بعض ما أعد لهؤلاء من الجزاء في ذلك الموقف الشديد الذي تفزع فيه الخلائق ويبهتون.
فقد أخبر a أنه عندما تغشى الظلمات أرض الموقف، فلا يكاد أحد يرى أحدا
تلمع من بعيد منابر مختلفة مكونة من مواد مختلفة على كل منها من لا يتناسب معه إلا
ذلك المقام:
فعلى بعضها
المتحابون في الله، كما قال a:( ليبعثن الله أقواما
يوم القيامة، في وجوههم النور، على منابر اللؤلؤ، يغبطهم الناس ليسوا بأنبياء ولا
شهداء، هم المتحابون في الله من قبائل شتى، وبلاد شتى، يجتمعون على ذكر الله
يذكرونه) [2]، وقال a:( إن