وأول رحمة ينالها
هذا الشهيد أن يحفظ ذلك الدم الذي أراقه في سبيل الله ليراه في القيامة عطرا فواحا
يشهد له بالشهادة، قال a:( ما من مجروح يجرح في
سبيل الله والله أعلم بمن يجرح في سبيله إلا جاء يوم القيامة وجرحه كهيئته يوم جرح
اللون لون دم والريح ريح مسك) [2]
بل إن من رحمة
الله بالشهيد أن لا يجد ألم القتل حتى لو تقطع جسمه أشلاء في سبيل الله، قال a:( ما يجد الشهيد من مس القتل إلا كما يجد أحدكم من مس
القرصة) [3]
وبعد قتله مباشرة
ينزل عليه من فضل الله ما يجعله مبهوتا حائرا، قال a:( لا تجف الأرض من دم الشهيد حتى يبتدره زوجتاه كأنهما ظئران
أظلتا أو أضلتا فصيليهما ببراح من الأرض بيد كل واحدة منهما حلة خير من الدنيا وما
فيها) [4]
ولهذا يصحح القرآن
الكريم الخطأ الشائع الخطير بأن الشهيد ميت، وأن الشهادة موت، بحقيقة عظمى، وهي أن
الشهيد لم يمت، لا بالمعنى المجازي الإيحائي الذي يعتبر الشهيد حيا في كتب التاريخ
وعلى ثرى الأرض وفي ذاكرة الشعوب، وإنما حياة حقيقية لا فرق بينها وبين هذه الحياة
إلا في أن تلك الحياة أفضل بكثير من هذه الحياة،قال تعالى:﴿ وَلا
تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ
لا تَشْعُرُونَ﴾ (البقرة:154)
وليدفع تعالى
الأوهام التي تؤول معنى هذه الحياة أخبر تعالى عن الرحمة التي