يجدها الشهيد،
والتي لم يجد جزءا من ملايين الأجزاء منها في الدنيا، قال تعالى:﴿ وَلا
تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ
عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ
وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا
خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (آل عمران:169 ـ 170)
فقد أخبر تعالى في
هاتين الآيتين الكريمتين بكل ما يدل على الحياة الحقيقية للشهيد، فهو يرزق كما
يرزق الأحياء، وهو يتتبع أخبار إخوانه الذين كانوا معه، بل أخبر تعالى أن الشهيد
يستبشر مطلقا سواء استشهد إخوانه فنالوا مثل فضله، أو انتصورا فتحقق ما قدم من
أجله دمه.
ففي الحديث في
تفسير قوله تعالى :﴿وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ
اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ (آل
عمران:169)، قال رسول اللّه a:( أرواحهم في جوف طير
خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل
فاطلع عليهم ربهم إطلاعة فقال: هل تشتهون شيئاً؟ فقالوا: أي شيء نشتهي ونحن نسرح
من الجنة حيث شئنا؟ ففعل ذلك بهم ثلاث مرات، فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن
يسألوا قالوا: يا رب نريد أن تردَّ أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة
أخرى، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا) [1]
ولهذا كان a يعزي أسر الشهداء بهذا الجزاء العظيم الذي نالوه، لما أصيب
حارثة يوم بدر وهو غلام جاءت أمه إلى النبي a، فقالت:( يا رسول الله قد عرفت منزلة حارثة مني فإن يكن في
الجنة أصبر وأحتسب وإن تك الأخرى ترى ما أصنع فقال ويحك أوهبلت أوجنة واحدة هي
إنها جنان كثيرة وإنه في جنة الفردوس) [2]