والظالم لنفسه
يحتمل في النصوص القرآنية أن يراد به المؤمنين المخطئين أو الكافرين الجاحدين، كما
قال تعالى:﴿ وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ
مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً﴾ (الكهف:35)
ولذلك اختلف المفسرون
ومن بعدهم في شمول قوله تعالى:﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا
مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ﴾
(فاطر:33) للظالمين لأنفسهم على قولين[1]:
فذهب بعضهم إلى
شمول الآية لظالمي أنفسهم، وذهب طائفة أخرى إلى أن الظالمين لأنفسهم من غير المصطفين،
وأن الوعد بالجنات قاصر على المقتصد والسابق دون الظالم لنفسه، وفسروا الظالم
لنفسه بالكافر، والمقتصد المؤمن العاصى، والسابق المؤمن التقى، وذلك مثل ما ورد في
تصنيف الخلق في الاخرة، والذي تقدم ذكره سالفا.
وعلى هذا تدل النصوص
الكثيرة التي تقصر الوعد بالثواب على المتقين دون الظالمين، بل لم يأت في القرآن
الكريم ذكر الظالم لنفسه إِلا مصحوبا بالوعيد، كما قال تعالى:﴿ وَمَا
ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ
آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ
أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ﴾ (هود:101)، وقال تعالى:﴿وَسَكَنْتُمْ
فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ
فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ﴾ (ابراهيم:45)، وقال
تعالى:﴿ فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا
أَنْفُسَهُمْ
[1] انظر الآثار في ذلك عن السلف في: الدر المنثور:
7/25.