لكنهم لا يخرجون
منها لعدم استكمال الطهارة، ولأن جرائمهم التي يتطهرون منها لا علاقة لها
بالاعتارف بذنوبهم، وما أسهل أن يقول المنافق مثل هذا، ثم يتنصل منه متى شاء.
* * *
قد يقال: فلماذا
هذه العملية الأليمة؟
لماذا لاتشمل هؤلاء
الرحمة، فيدخلون الجنة من غير آلام؟
والجواب عن ذلك، هو
أن الحكمة الإلهية اقتضت تطهير من يجاور دار الرحمن تطهيرا متناسبا مع الجرائم
التي عملها، ولنضرب مثلا مقربا لذلك، وهو أن من تنجست روحه بالفواحش وأنواع الشذوذ
لا يليق أن يدخل جنة الطيبين، وهو ملوث بهذا الخبث، لأن خبثه سينقله معه إلى
الجنة، وليس في الجنة إلا الطهارة.
ولهذا ورد في
الأحاديث المخبرة بأنواع العقوبات التي يتعرض لها الظالمون لأنفسهم في البرزخ ما
يتناسب مع العقوبة:
فقد رأى a الذي يأخذ بالقرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة مضطجعا،
وآخر قائم عليه بصخرة، وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ بها - رأسه فيتدهده الحجر
فيذهب ههنا فيتبعه فيأخذه ولا يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان ثم يعود عليه فيفعل
به مثل ما فعل المرة الأولى[1].
ففي ذلك أكبر تنبيه
له وتأديب وتبيان لعظم ما كان يفعله.
ورأى a الذي يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق مستلقيا لقفاه،
وآخر قائم عليه بكلوب من حديد، وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشرشر شدقه إلى قفاه ثم
يتحول