فذريعة إنكار ما قد
تحتمله من النصوص من هذا المعنى خوفا من الفساد غير صحيح أو غير لازم، فالكفار مع
علمهم بما يخبرهم المؤمنون من خلودهم في النار لا يردعون، والمؤمنون الأتقياء
العارفون أنهم بتوحيدهم ينجيهم الله من النار ولو دخلوا إليها أخوف الناس من
النار.
والمؤمنون العصاة
يعلمون أنهم يدخلون النار وأنهم يخرجون منها، ومع ذلك لا يردعهم ذلك عن ما هم فيه.
بعد هذا.
سنحاول أن نتناول
هنا باختصار ما ذكره علمان من علماء هذه الأمة، ينتمي كل منهما لطائفة من طوائفها
الكبرى، حتى نبين أن الخلاف في هذه المسألة لا يحوي أي اصطفاف طائفي، بل هو وجهة
نظر موجودة بين المسلمين جميعا.
أما الأول، فهو ابن
القيم الذي دافع عن هذه الرؤية في كتبه المختلفة، وتبعه على ذلك بعض العلماء من
القدامى والمعاصرون، كما انتقده آخرون من أصحاب القول الأول.
ومن العلماء
المعاصرين الذين أيدوه، بل أثنوا عليه بسبب هذا القول الشيخ محمد عبده الذي نقل في
تفسيره (المنار) قول ابن القيم بفناء النار بتفصيله بما يقارب ثلاثين صفحةً، وفي
ختامه يثني مادحاً لابن القيم وداعياً له إلى أن يكافئه الله أفضل ما يكافيء العلماء
العاملين ويقول : (فما أعظم ثواب ابن القيم على اجتهاده في شرح هذا القول المأثور
عن بعض الصحابة والتابعين، وإن خالفهم الجمهور الذين حملوا الخلود والأبد اللغويين
في القرآن على المعنى الاصطلاحي الكلامي وهو عدم النهاية في الواقع،