استسقيتك فلم
تسقني؟ قال: يا رب! كيف أسقيك وأنت رب العالمين! قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه،
أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي)[1]
ففي هذا الحديث
إشارة، بل تصريح إلى أن الله تعالى عند المبتلى رحمة منه له وخيرا وقربا منه
لانكسار قلبه بالمرض، فإنه عند المنكسرة قلوبهم.
ووجه الاستدلال
بهذه النصوص واضح، وهو أن قانون العقوبات أو التمحيص الإلهي واحد في الدنيا
والآخرة، ورب الدنيا والآخرة واحد، وحكمته ورحمته موجودة في الدنيا والآخرة، بل إن
النصوص تخبر بأن رحمته في الآخرة أكثر ظهورا من رحمته في الدنيا.
ولهذا، فإن بقاء
الخلق في النار مؤمنهم وغير مؤمنهم تابع لنوع ما في نفوسهم من أوزار وذنوب، وهي
مختلفة اختلافا شديدا، وتبعا لاختلافها يكون استمرار بقائهم في النار.
ولهذا ورد في
النصوص الإخبار بأن المنافقين في الدرك الأسفل من النار، كما قال تعالى:﴿ إِنَّ
الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ
نَصِيرا﴾ (النساء:145) قال
ابن عباس: أي في أسفل النار.
وسر ذلك أن نفوسهم
المطاطة المرنة المتحولة يصعب عليها أن تنتقل من حالة الانحراف إلى حالة الاستقامة
إلا بعد تطهير طويل عميق.
وهذا بخلاف من خفف
عليه العذاب كمن أخبر a عنه بأنه في ضحضاح من نار يغلي منه دماغه، فإنه سرعان ما تتطهر
فطرته ليعود إلى عالم السعادة المحضة التي خلق لها.