قال رجل منا:
فسر لنا هذا.. فكيف يكون الطهور الذي هو إفاضة الماء على بعض الجوارح نصف الإيمان؟
قال[2]: هيهات أن يقصد رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم ذلك.. والطهارة
أعظم من أن تنحصر في ذلك.. الطهارة لها أربع مراتب، لا يمكن أن تتحقق من دونها..
وهي في كل محل نصف ما جاء الإسلام للدعوة إليه.
قلنا: فما
أولاها؟
قال: تطهير
الظاهر عن الأحداث وعن الأخباث والفضلات.. وهي من مهمات الدين، فلا يكون المسلم
إلا نظيفا، وقد ورد في الحديث عن جابر أنّه قال: أتانا رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم فرأى رجلا شعثا قد تفرّق شعره، فقال: (أما كان يجد هذا ما يسكّن به
شعره؟) ورأى رجلا آخر وعليه ثياب وسخة. فقال: (أما كان هذا يجد ماء يغسل به ثوبه؟)[3]
وعن ابن
عبّاس قال: مرّ رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم على قبرين
فقال: (إنّهما يعذّبان وما يعذّبان في كبير: أمّا هذا فكان لا يستنزه من بوله،
وأمّا هذا فإنّه كان يمشي بالنّميمة)، ثمّ دعا بعسيب رطب فشقّه باثنين فغرس على
هذا واحدا، وعلى هذا واحدا ثمّ قال: (لعلّه يخفّف عنهما ما لم ييبسا)[4]
ولأجل هذه
الطهارة وضع الفقهاء الفروع الفقهية الكثيرة المبنية على ما ورد في النصوص المقدسة،
وكلها تهدف إلى تخليص المسلم من اللؤم المرتبط بهذا الجانب.