قال: ذلك هو
الشح المنحرف.. السلبي.. أما الشح الفطري.. والذي هو لبنة من لبنات الإنسان.. فإن
نزعه من الإنسان لن يبقيه إنسانا..
نظر إلي،
فوجدني لا أزال على هيئتي لم أقتنع، فقال: أليس الشح هو الحرص على ما تملكه من
أشياء؟
قلت: بلى..
فالشحيح هو الذي يبخل بماله.
قال: البخل
بالمال فرع من فروع الشح.. الشح أخطر من أن ينحصر في المال..
قلت: صحيح ما
تقول..
قال: نحن نرى
الشح السلبي.. وهو شح يوظف لبنات الإنسان لتخدم المصالح الخاصة ولو على حساب
المصالح العامة.
قلت: فهل
هناك شح إيجابي؟
قال: أجل..
وهو شح يوظف لبنات الإنسان وطاقاته لتخدم المصالح الخاصة.. وفي نفس الوقت لا تضر
بالمصالح العامة.. بل إنه يخدم المصالح العامة.. فلا يمكن للمصالح العامة أن تقوم
إلا بالمصالح الخاصة.
قلت: لم
أفهم.
قال: أرأيت
لو أن كل الناس حرصوا على ما عندهم من مال وصحة وعافية.. وشحوا بها.. فلم يدعوها
للآفات.. أليس في ذلك اجتماع للمصالح الخاصة والعامة؟
قلت: بلى..
سيكون المجتمع حينها مجتمعا قويا صحيحا سليما من الآفات..
قال: ولهذا قال
رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم.. وهو يحض على هذا الشح الإيجابي.. لبعض صحابته :
(الثلث والثلث كبير، أو كثير، إنك أن تذر ورثتك أغنياء، خير من أن تذرهم عالة
يتكففون الناس، وإنك لن تنفق نفقة، تبتغى بها وجه الله، إلا أجرت بها، حتى ما تجعل
فى