قال رجل منا:
ما دام الأمر كما تقول.. فهنيئا للظالمين.. فسيسطون ويظلمون من غير أن ينتقدهم
أحد.
قال
الماوردي: كيف تقول ذلك، وأنت تعلم أنه لا تقدس أمة لا ينتقد فيها ظلمتها؟
قال الرجل:
ولكن ذلك غيبة كما ذكرت.
قال
الماوردي: للغيبة مجالها.. وهم الناس العاديون البسطاء الذين لا ضرر منهم على أحد
من الناس.. أما من تعدى وظلم فلا غيبة فيه.
قال الرجل:
فهناك مستثنيات من الغيبة إذن؟
قال
الماوردي: أجل.. وقد ذكر العلماء ستة منها.
قال الرجل:
فما هي؟
قال
الماوردي: أولها المتظلّم، فيجوز للمظلوم أن يتظلّم إلى السّلطان والقاضي وغيرهما
ممّن له ولاية، أو قدرة على إنصافه من ظالمه، فيقول: ظلمني فلان بكذا.
وثانيها
الاستعانة على تغيير المنكر، وردّ العاصي إلى الصّواب، فيقول لمن يرجو قدرته على
إزالة المنكر: فلان يعمل كذا، فازجره عنه ونحو ذلك، ويكون مقصوده التّوصّل إلى
إزالة المنكر، فإن لم يقصد ذلك كان حراما.
وثالثها الاستفتاء،
فيقول للمفتي: ظلمني أبي، أو أخي، أو زوجي، أو فلان بكذا، فهل له ذلك؟ وما طريقي
في الخلاص منه، وتحصيل حقّي، ودفع الظّلم؟ ونحو ذلك، فهذا جائز للحاجة، ولكنّ
الأحوط والأفضل أن يقول: ما تقول في رجل أو شخص، أو زوج، كان من أمره كذا؟ فإنّه
يحصل به الغرض من غير تعيين، ومع ذلك، فالتّعيين جائز.
ورابعها تحذير
المسلمين من الشّرّ ونصيحتهم، ومن ذلك جرح المجروحين من الرّواة والشّهود، وذلك
جائز بإجماع المسلمين، بل واجب للحاجة.. ومنها: المشاورة في مصاهرة إنسان، أو
مشاركته، أو إيداعه، أو معاملته، أو غير ذلك، أو مجاورته، ويجب على المشاور