ومنها الحرمان
من التوفيق الإلهي.. ذلك أن المعجب بنفسه كثيراً ما ينتهي به الإعجاب إلى أن يقف
عند ذاته، ويعتمد عليها في كل شئ ناسياً أو متناسياً خالقه وصانعه ومدبر أمره
والمنعم عليه بسائر النعم الظاهرة و الباطنة، ومثل هذا يكون مآله الخذلان وعدم
التوفيق في كل ما يأتي وفي كل ما يدع، لأن سنة الله تعالى مضت بأنه لا يمنح
التوفيق إلا لمن تجردوا من ذواتهم، واستخرجوا منها حظ الشيطان، بل ولجأوا بكليتهم
إليه، تبارك اسمه وتعاظمت آلاؤه، وقضوا حياتهم في طاعته وخدمته، كما قال تعالى في
كتابه الكريم:﴿ وَالَّذِينَ
جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ
الْمُحْسِنِينَ (69)﴾ (العنكبوت)، وكما ورد في الحديث القدسي:(.. وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل
حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش
بها، ورجله التي يمشى بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذ بي لأعيذنه)[1]
ومنها الانهيار
في أوقات المحن و الشدائد.. ذلك أن المعجب بنفسه كثيراً ما يهمل نفسه من التزكية
والتزود بزاد الطريق، ومثل هذا ينهار ويضعف مع أول شدة أو محنة يتعرض لها، لأنه
لم يتعرف على الله في الرخاء حتى يعرفه في الشدة، كما قال تعالى:﴿ ِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ
اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128)﴾ (النحل)، وقال :﴿.. وَإِنَّ
اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)﴾ (العنكبوت)، وقال a :( احفظ الله تجده
أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة..)[2]
ومنها النفور من
الآخرين.. ذلك أن المعجب بنفسه قد عرَّض نفسه بصنيعه هذا لبغض الله له، ومن أبغضه
الله أبغضه أهل السموات، ثم يوضع له البغض في الأرض، فترى الناس ينفرون منه،
ويكرهونه ولا يطيقون رؤيته، بل ولا سماع صوته.. لقد أخبر رسول الله