لهم، كان الأنبياء
يعرفون قراهم أن هذه الأرض أرض الله لا أرضهم، وأنهم سيكونون مغتصبين مفسدين إن
نسبوها إلى أنفسهم، والقرآن الكريم يذكر عن نبي الله صالح عليه السلام لبيان ذلك
أربعة أساليب من خطابه لقومه الذين اشتد تعلقهم بالأرض إلى الدرجة التي حجبتهم عن
السماء، قال تعالى :﴿ وَإِلَى
ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ
إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ
اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا
بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾(الأعراف:73)
فالأرض أرض الله
لا أرض عاد أو ثمود، وسبب كل الأخطاء التي يتعامل بها الإنسان مع الأشياء هي
اعتقاده ملكيته لها، والتي تجعله يتصور حريته المطلقة في التعامل معها كما يهوى
وكما ترغب نفسه.
ولهذا كان
الأنبياء يخاطبون قومهم بمنطق النعمة لا بمنطق الأشياء، لأن النظر إلى النعمة
والآلاء بهذا الاعتبار يجعل منها عبودية خالصة لله لا حجابا عن الله، قال تعالى عن
خطاب صالح لقومه: ﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ
جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ
مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ
اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ (الأعراف:74)
ونلاحظ إعجاز النص
القرآني في ترتيبه ذكر آلاء الله على ذكر النعم، وترتيبه عدم الإفساد في الأرض على
ذكر آلاء الله، لأن من رأى الأشياء من الله لا يتضرر بها ولا يضر غيره، ومن رآها
من نفسه انشغل بها، فأهلك نفسه وألحق