ولهذا كان صالح
عليه السلام يخاطب قومه ويذكرهم بأنهم خلفاء في الأرض بجعل الله لينفي عنهم الشعور
بتملك الأرض أو التضخيم الزائد لأنفسهم، قال تعالى على لسان صالح عليه السلام :﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي
الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ
كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ
كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا﴾(فاطر:39)
واعتبارهم خلائف
ينزع عنهم زهو التملك، واعتبار خلافتهم جعلا وليست ذاتية تنفي عنهم الأنا التي قد
تضخم تصورهم للخلافة إن تصوروها نابعة منهم واستحقاقا لهم.
وبما أن ثمود كانت
تهوى العمران والحضارة العمرانية، وتشعر أن ذلك العمران منها وبها كان صالح
يخاطبهم بأن قدرتهم التعميرية من الله نعمة من نعمه كنعمة الأرض، قال تعالى :﴿ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ
يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُمْ
مِنْ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ
إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ﴾(هود:61)
والعمران والمساكن
التي يتشكل منها الوطن كانت ولا زالت حجابا من الحجب العظمى التي تحول بين الخلق
وبين السماء ومسمارا من المسامير التي تثقلهم إلى الأرض، وكلما ارتفع بنيان النفس
البعيدة عن الله كلما ارتفع طغيانها، فتجبر الرومان كان وليدا من قساوة حجارة مسارحها،
وتعالي الفراعنة كان أثرا