وهذا اليقين هو
الذي يجعلها ترى أثر رحمة الله في كل مظهر من المظاهر التي ينسبونها للطبيعة، قال تعالى
:﴿ فَانظُرْ إِلَى
آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ
لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (الروم:50)
وهو الذي يجعلها
ترى الأرض معلقة بحفظ الله وإمساكه، منتظمة في سلك الكون لا بجاذبية عمياء تطرح ألف
سؤال محير على من يرضى بقيوميتها من دون الله، قال تعالى :﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ
بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾ (فاطر:41)
وهذا التصور هو
الذي يحفظ المؤمن من الوقوع في براثن التصورات الخرافية، قال ابن عباس لرجل مقبل
من الشام: من لقيت به؟ قال: كعبا، قال: وما سمعته يقول؟ قال: سمعته يقول: إن
السموات على منكب ملك، فال: كذب كعب، أما ترك يهوديته بعد! إن الله تعالى يقول: :﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا ﴾ (فاطر:
41)
فإذا اطمأن المؤمن
الموقن إلى هذه الحقيقة وعلم أن الأرض لله خلقا وتهيئة وتصريفا جاءت النصوص لتبين
أن هذه الأرض المخلوقة عبد مطيع لله تحمل من عليها بأمر الله، والمواطن الحقيقي
الذي تفرح به الأرض قبل أن يفرح بها هو الذي يشاركها تسبيحها لله، قال تعالى يبين
نشأة الأرض وطاعتها لله في تلك النشأة التي أودعت فطرتها:﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ
دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا
أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ (فصلت:11)