هما كمن جلس على
مائدة واحدة، وعلى طعام واحد، هو طعام الله، لكن الكفرة أبوا إلا أن يضيفوا إلى
طعامهم سما ليتميزوا به عن غيرهم، فإذا بهم يتخبطون تحت تأثيره.
فالله تعالى لم
يحرم المؤمنين من ضيافته على هذه الأرض ولم يحرم عليهم الطيبات، بل هي لهم كما
لغيرهم في الدنيا، وهي لهم خالصة في الآخرة، قال تعالى :﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ
الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ
لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ
كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾(الأعراف:32)
ولكن الشيء الوحيد
الذي طلب من المؤمنين، وهو شيء هين بسيط يزيد في فرحتهم وسعادتهم هو أن لا ينشغلوا
بالنعيم الفاني عن الباقي، وأن لا ينشغلوا بالخلق عن الخالق، قال تعالى :﴿ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا
بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ
وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾(طه:131)
وقد جاء التعبير
عن الذين كفروا بهذا الاسم ليشير إلى العمى الذي أوقعه فيهم جحودهم، فأصبحوا لا
يميزون بين ما ينفعهم وما يضرهم.
ثم عبر عن موضوع
تزيينهم بالحياة الدنيا وهي الحياة الأولية البسيطة التي تشبه حياة الكائنات وحيدة
الخلية التي تختار المستنقعات ولا تعرف من وظائف الحياة إلا وظائف محدودة بسيطة
بحسب طبيعة تكوينها.
ثم تواصل الآية
سيرها وكل حرف فيها ينشر الحسرة في قلوب الذين آثروا