وهذه الآية، ككل
آية في القرآن الكريم، ليس الخطاب بها خاصا باليهود وإلا فرغت من محتواها ودخلت
كتب التاريخ، بل الخطاب بها عام لجميع المؤمنين، و في كل العصور، ليدركوا أن الله تعالى
هو الفاعل لا القلة أو الكثرة.
وهذا الإدراك الذي
ينزع من قلوبهم الزهو بكل أشكاله هو الذي يثبتهم في كل المعارك، لأن الأقدام
المزهوة المختالة لا تستقر على أراضي المعارك الحربية والعلمية والحضارية …
ولهذا اعتبر a في جلسة
له مع الصحابة لدراسة أعمق مشاكل الحضارة، وتبصر أخطر الأزمات التي ستمر بها
الأمة، وإعطاء أنجع الحلول، الكثرة غثاء كغثاء السيل، قد لا تضر ولكنها لا تنفع، قال
a :( يوشك
الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها،فقال قائل:ومن قلة نحن يومئذ،
قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم
المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، فقال قائل:يا رسول الله وما الوهن؟
قال: (حب الدنيا وكراهية الموت)[1]
وكان a يربي
الصحابة على معرفة الرجال بأقدارهم لا بتكاثرهم