وتعاظمهم، وأن
القلة النافعة خير من الكثرة الضارة: مر رجل على رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فقال
لرجل عنده جالس:ما رأيك في هذا؟، فقال:رجل من أشراف الناس، هذا والله حري إن خطب
أن ينكح، وإن شفع أن يشفع،فسكت رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم ثم مر رجل آخر،
فقال له رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم:ما رأيك في هذا؟ فقال:يا رسول الله هذا
رجل من فقراء المسلمين، هذا حري إن خطب أن لا ينكح، وإن شفع أن لا يشفع، وإن قال
أن لا يسمع لقوله، فقال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم :( هذا خير من ملء الأرض مثل هذا)[1]
ولهذا فإن القرآن
الكريم يعتبر الثلة الصالحة السابقة بالخيرات في كل الأمم ثلة قليلة، وما عداها
دهماء وغوغاء وعامة وظلمة وفسقة ومفسدون في الأرض، وليس ذلك من الأرستقراطية،
وإنما هو إخبار بالواقع الديني والخلقي للبشر، لأن البشر كالمعادن والمعادن بعد
حرقها تكون ندرتها بقدر جودتها، وقد يمن الجبل العظيم بحفنة من الذهب وبأطنان من
الحجارة والشوائب، قال تعالى مخبرا عن مواقف الخلق يوم القيامة عندما يصنفون بحسب
نوعياتهم وجواهرهم وحقائقهم، فهم بين السابقين وهم الثلة النادرة التي أخبر تعالى
عن قلتها بقوله:﴿ ثُلَّةٌ مِنْ
الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنْ الْآخِرِينَ ﴾(الواقعة:14)
بينما قال عن أهل
اليمين وهم عامة المؤمنين:﴿ ثُلَّةٌ
مِنْ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنْ الْآخِرِينَ﴾ (الواقعة:13، 14) وسكت عن ذكر باقي الخلق
من أهل الشمال لأن