فالكثرة إذن على
ضوء هذه النصوص وغيرها كثرة لا قيمة لها، وإنما تحمد إن كانت كثرة صالحة لأنها
حينذاك لا تزيدها الكثرة إلا جمالا، ولعله لأجل ذلك قال a :(
تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم)[1] ، وقد دل هذا الحديث على الكثرة
النوعية لا الكثرة الكمية، لأن المباهاة لا تكون بالمتردية والنطيحة وما أكل
السبع، ولهذا جعل من صفات المرأة الولود كونها ودودا، وتوفر هذه الصفة فيها توفر
للتربية الصالحة والتنشئة الطيبة، وكثرة كل شخص بهذا الاعتبار بحسب طاقته التربوية
لا بحسب طاقته المادية فقط.
ولأجل هذا أيضا من
الله على المؤمنين بأن كثرهم، قال تعالى :﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ
وَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾(الأعراف:86)، وقال تعالى :﴿ ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمْ الْكَرَّةَ
عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ
نَفِيرًا﴾(النحل:6)
هذا هو بعض أحاديث
القرآن الكريم عن الكثرة والقلة البشرية، وما يحمد منها وما يذم، وهو ما يشير إليه
قوله تعالى :﴿ أَلْهَاكُمْ
التَّكَاثُرُ﴾(التكاثر:1)، وما
يشير إليه أكثر سبب نزولها، قال ابن عباس :( نزلت في حيين من قريش: بني عبد مناف،
وبني سهم تعادوا وتكاثروا بالسادة والأشراف، فقال كل حي منهم نحن أكثر سيدا، وأعز
عزيزا، وأعظم نفرا، وأكثر عائذا، فكثر بنو عبد مناف سهما، ثم