الفرح بالمال هو
من أكثر مجالات الفرح شيوعا، وهو في نفس الوقت السرطان الذي إذا سرى حبه للقلب
انتقل لجميع الجوارح فعراها الفساد، وإذا انتقل عشقه للأمة ارتفعت عنها جميع
الفضائل، ودب إليها الهلاك الذي قد لا يرفع جثمانها عن الأرض ولكن يرفع حقيقتها، وقد
قال a :( اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح
فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم)[1]
وهذا الربط بين
الشح الذي يمثل المبالغة في حب المال وبين الظلم بأوسع معانيه دليل على العلاقة
الوطيدة بينهما، الظلم الذي يأتي به المال والذي شكا منه الشعراء بكل عبارات
السخرية، كما قال بعضهم ساخرا:
المال يستر كل عيب في الفتى
والمال يرفع كل وغد ساقط
فعليك بالأموال فاقصد جمعها و
اضرب بكتب العلم بطن الحائط
وقال يحي بن أكثم:
إذا قل مال المرء قل بهاؤه
وضاقت عليه أرضه وسماؤه
وأصبح لا يدري وإن كان حازما
أقدامه خير له أم وراؤه
ولم يمض في وجه من الأرض واسع
من الناس إلا ضاق عنه فضاؤه
[1]
رواه أحمد 3/323 (14515) وعبد بن حميد 1143 والبخاري، في (الأدب المفرد)
483 ومسلم 8/18 (6668)