ولهذا تعفف جميع
الأنبياء عن أخذ الأموال من أقوامهم وصاحوا فيهم كما صاح هود عليه السلام :﴿ يَاقَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ
أَجْرًا إِنْ أَجْرِي إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ (هود:51)، وكما أمر النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم أن يقول
لقومه:﴿ قُلْ لَا
أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ﴾ (الأنعام:90)، وأخبر أن الرسل لو طلبوا
أموالا من قومهم لكان ذلك مبررا كافيا لهم لبعدهم عن الحق لثقل إنفاق الأموال
عليهم، قال تعالى :﴿ أَمْ
تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ﴾ (الطور:40)
والفرح بالمال هو
الذي يحول بين الأسماع واستماع النصح،قال تعالى :﴿ وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ
وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا﴾(الكهف:34)
والفرح بالمال
والركون إليه هو أحد الأسباب الكبرى في تحريف الأديان، لأن رجال الدين الذين
يفرحون بالمال ينسون الله والقيم والكتب أمام بريقه، قال تعالى :﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ
كَثِيرًا مِنْ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ
بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ
الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ
بِعَذَابٍ أَلِيم﴾ (التوبة:34)
وهذا الربط
العجيبب بين الأحبار وهم العلماء، وبين الرهبان وهم العباد، وبين الذين يكنزون
الأموال، يلخص الحقائق التاريخية الكثيرة عن الأديان التي أصبحت مراكز جباية سواء
ما كان منها دور علم أو دور عبادة.