والمتأمل لأنواع
العذاب التي يعانيها أرباب الأموال حين جمعها، أو عند المحافظة عليها، أو عندما
ينبأ أحدهم بخسارة ما، أو عندما يسمع بنجاح منافسه يرى من ذلك الشيء الكثير.
وقد صور القرآن
الكريم صورة كاريكاتورية لمثل هذا الإنسان اللاهث وراء الأموال يجمعها ويعدها كل
حين في سورة خاصة، قال تعالى :﴿ وَيْلٌ
لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ يَحْسَبُ أَنَّ
مَالَهُ أَخْلَدَه كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا
الْحُطَمَةُ نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ
إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُوصَدَةٌ فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ ﴾ (سورة الهمزة)
فهي تصور إنسانا
دأبه في حياته أن يسخر من غيره ويستهزئ بهم، ويستعين على ذلك بعد أمواله، لأنها
الوحيدة التي تبث في نفسه الثقة، وترفع من معنوياته، وتجعل غيره صغارا أمام عينيه،
يحل له أن يهمزهم ويلمزهم كما يشاء.
ولكن السورة التي
ترسم هذه الصورة تختم ببيان العذاب الذي يلقاه هذا الصنف من الناس، ولكل طبع خارج
عن الفطرة عذابه الخاص به، وإن كان ذلك العذاب في الآخرة إلا أنه يتناسب تماما مع
عذابه في الدنيا كما يتناسب مع نوع جرمه، فالمتهالك في جمع المال وحبه يحطم طبعه
ويهشم خصائصه وينكس صفاته، فبدل أن يجعل المال خادما جعله مخدوما، ووضع نفسه عبدا
مسخرا له كما قال a: (تعس عبد الدينار )