وهو لذلك يتلظى
طول حياته بنار الحسرات والخوف والأمل، لا يهدأ أبدا ولا يطمئن ولا يهنأ بمأكل ولا
مشرب، والنار تلتهم قلبه وطبعه، وهو في قيوده الممددة داخل سجن المال، وقد اختصرت
الحياة في عينيه في بريق الذهب ولمعان الفضة.
ولأجل هذا
الانتكاس الذي يولده الفرح بالمال في النفس البشرية شبه a مايفعله
حب المال بدين المؤمن بالذئاب الجائعة المرسلة على زريبة غنم، قال a:( ما
ذئبان جائعان أرسلا في غنم أفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه)[1]
ولهذا فإن أول ما
يخفف غلواء سكرة الفرح بالمال، والتي هي السبب في كل الانتكاسات الفردية والأممية
هو اعتقاد المنفعة المحدودة له، لأن أساس الخطر هو المبالغة في تضخيم دور المال
إلى درجة وزن الناس والمجتمعات والتاريخ من خلاله، فالمجتمعات اليوم تصنف بحسب دخل
أفرادها لا بحسب القيم المنتشرة بينها، وقد صور تعالى ذلك الهمزة اللمزة أنه ﴿ يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَه﴾(الهمزة:3)
وهذه المحدودية
عبر عنها القرآن الكريم بهذه الحقيقة العظمى :﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ﴾(الشعراء:88)، وبقوله تعالى إخبار اعن الإنسان
الغافل عن ربه بسبب ماله: ﴿ وَمَا
يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى﴾(الليل:11) وبإخبار الله تعالى
[1]
رواه أحمد 3/456 (15876) وفي 3/460 (15887) والدارمي 2730.