قلت: لقد
ذكرتني بأحاديث وردت في هذا.. وهي ليست خاصة بعهدك.. بل هي تعم كل عصر تنبت فيه
أشواك الفتن:
فقد روي أن
رجلا قال لرسول الله a : أي الناس أفضل يا رسول الله؟ قال :( مؤمنٌ
مجاهدٌ بنفسه وماله في سبيل الله) قال: ثم من؟ قال: ثم رجلٌ معتزلٌ في شعبٍ من
الشعاب يعبد ربه)[1]، وفي روايةٍ :( يتقي الله، ويدع الناس من
شره)
وفي حديث
آخر، قال a :( من خير معاشٍ الناس لهم رجلٌ ممسكٌ
عنان فرسه في سبيل الله، يطير [2] على متنه، كلما سمع هيعةً أو فزعةً[3]، طار عليه يبتغي القتل، أو الموت مظانه،
أو رجلٌ في غنيمةٍ في رأس شعفةٍ[4] من هذه الشعف، أو بطن وادٍ من هذه
الأودية، يقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويعبد ربه حتى يأتيه اليقين ليس من الناس إلا
في خيرٍ)[5]
وقال a :( يوشك أن يكون خير مال المسلم غنمٌ يتبع بها شعف
الجبال، ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن)[6]
قال: فقد جمع
نبيكم بين المواجهة والعزلة.. فمن ليس له سلاح ولا قوة.. فقوته وسلاحه في عزلته.
قلت: ولماذا
لا يواجه بما أطاق؟.. ألم يأمرنا الله تعالى بالإعداد حسب الطاقة.
قال: سيقتل
نفسه بذلك.. ولا ينتفع هو ولا ينتفع غيره بموته.