ولا يمثله بعد
ذلك كله إلا الورثة الصادقون المخلصون الذي أوصى بهم، ودعا إلى ركوب سفينتهم، وحذر
من مغاب عزلهم، أو التفريط في صحبتهم، أو أخذ الدين عن غيرهم، أو الولاء لأعدائهم،
أو النصب لهم.
هذه فقط مصادر
الدين المقدس.. وهي من الجمال بحيث تكفي لأن تعرض للعالم إسلاما مملوءا بالقيم
الطاهرة النبيلة التي ترغبهم فيه، ولا تنفرهم منه.
وأنت بذلك
الإسلام ـ أيها الرفيق العزيز ـ لن تخاف من أي إشكال يطرح عليك، وفي أي مناظرة،
فإن حدثوك عن التاريخ وجرائمه ذكرت لهم أن الدين لا علاقة له بالتاريخ.. وأن
الإسلام أعظم من أن يمثله التاريخ.. وأنك مثلهم تنكر على ذلك التاريخ، وتسميه
تاريخ المسلمين، لا تاريخ الإسلام.. مثله مثل تاريخ المسيحيين واليهود وغيرهم،
والذين يقرون أنه لا يمثل دينهم.. فالدين تمثله مصادره المقدسة لا التاريخ ولا
الرجال ولا كل الأهواء.
نعم أيها الرفيق
العزيز.. هذا هو الدين.. ولا تخف بما يخوفك به قومك من عذاب الله، فالله لا يعذب
إلا من أضاف في دينه ما ليس منه، والله طلب منك أن تفهم الدين من خلال كتابه، لا
من خلال ذلك التراث الذي اختلط فيه المقدس بالمدنس، والدين بالأهواء.
فكف عنك أيها
الرفيق العزيز الدفاع عن كل أولئك الذين قضيت عمرك تدافع عنهم، وأخلص دينك لله،
وحطم كل الأصنام، واخرج من سجنك لترى جمال الكون وجمال خالقك وجمال دينك وجمال
الحقائق التي دنستها الأهواء.. ولا يمكن أن تسترد جمالها إلا بعد إزالتها، ورفعها
وتطهير الدين منها.