أيها الرفيق
العزيز.. لا تتثاقل إلى الأرض، فما هي إلا كوكب كالكواكب لا يختلف عن الزهرة، ولا
عن عطارد، ولا عن المشتري.. هي فقط خُلقت لتتناسب معك، وتتناسب معها، لكنك لم تخلق
لها.. فأنت ابن السماء، نزلت منها لتعود إليها، ولم تنزل إليها لتدفن فيها.
نزلت إليها
لتمتلئ بالمعارف والمكارم، ولم تنزل إليها لتملأ قلبك بحب الذهب والفضة والجواهر
الكريمة.. فما هي إلا حجارة من حجارة الأرض، وتراب من ترابها.. ولا يمكن لأحد يملأ
قلبه وروحه وسره وجيوبه بتلك الحجارة أن يسمو أبدا.. فالأرض لا تريد أن يرتفع أي
شيء منها إلى السماء.. فلذلك لك الخيار بين أن تملأ جيوبك ذهبا، أو تملأ قلبك
قيما.
أنت بالخيار على
هذه الأرض التي نزلت إليها بين أن تسكن فيها، وتسكن إليها، وتسلم لها كل ما عندك،
وتعيش لأجلها، لتضمك في الأخير كما تضم التراب.. وبين أن تترفع عنها، ولا تتثاقل
إليها، وتكتفي منها ببلغتك التي تكفيك لأن تعيش، وبزادك الذي يكفيك لتكمل رحلتك،
وببيتك الذي يأويك طيلة سفرك.. ولا تزيد على حاجاتك منها ما يشغل قلبك عن رحلته،
أو روحك عن سموها، أو حقيقتك عن ترقيها في المراتب التي أتيح لها أن تترقى فيها.
ألا ترى أولئك
الذين بنوا ما لا يسكنون، وجمعوا ما لا يأكلون، وملأوا حياتهم بالزخارف الكاذبة..
كيف كانت نهايتهم؟
لقد قص القرآن
الكريم عليك قصة قارون.. ذلك الذي اختصر الحياة في تلك الكنوز التي جمعها، والزينة
التي كان يخرج بها كل حين.. لقد جعله كل ذلك يتثاقل إلى