لا أعرف خياركم من شراركم؟ بلى
والله وإن شراركم من أحب أن يوطأ عقبه، إنه لا بد من كذاب أو عاجز الرأي)
وهكذا أجمع جميع الأولياء
والعارفين والصالحين الذين حذروا كل مريديهم من أن يكون مطلوبهم المكانة بين
الخلق؛ فالمريد الصادق لا يريد إلا الله، ولا يعيش إلا لله.. وقد قال ابن مسعود
الصحابي الجليل: (كونوا ينابيع العلم، مصابيح الهدى، أحلاس البيوت، سرج الليل، جدد
القلوب، خلقان الثياب، تعرفون في أهل السماء وتخفون في أهل الأرض)، وقال آخر: (ما
صدق الله من أحب الشهرة)، وقال آخر: (والله ما صدق الله عبد إلا سره أن لا يُشعر
بمكانه)
وبين آخر أثر الشهرة في جلب
الفتن إلى القلوب، فقال: (إن خفق النعال حول الرجال قلما تلبث عليه قلوب الحمقى)
وقال آخر يوصي مريدا له جاء
ليتأدب على يديه: (إن استطعت أن تعرف ولا تعرف وتمشي ولا يمشي إليك وتسأل ولا تسأل
فافعل)
وأشار آخر في بعض مواعظه إلى
قيمة أولئك الأتقياء الأخفياء الذين أثنى عليهم رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فقال مصورا لمشهد من مشاهد صدقهم: (قحط أهل المدينة وكان بها رجل
صالح لا يؤبه له، لازم لمسجد رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم فبينا هم في دعائهم إذ جاءهم رجل عليه طمران خلقان، فصلى ركعتين
أوجز فيهما ثم بسط يديه فقال: يا رب أقسمت عليك إلا أمطرت علينا الساعة؛ فلم يرد
يديه، ولم يقطع دعاءه حتى تغشت السماء بالغيم، وأمطروا حتى صاح أهل المدينة من خوف
الغرق، فقال: يا رب إن كنت تعلم أنهم قد اكتفوا فارفع عنهم، فسكن، وتبع محمد بن
سويد صاحب المطر حتى عرف منزله، ثم بكر عليه فخرج إليه فقال: إني أتيتك في حاجة،
فقال: ما هي؟ قال: تخصني بدعوة، قال: سبحان الله أنت أنت، وتسألني أن أخصك بدعوة،
ثم قال: ما الذي بلغك