أيها الرفيق العزيز.. لقد تأملت
في المصائب التي نزلت بك، في دينك ودنياك، والتي ذكرتها لي، وأنت تتألم، وتبكي،
وقد رأيت أن أكثرها لا يعود إليك، ولا إلى الطباع التي جبلت عليها، وإنما يعود إلى
أولئك الذين اتخذتهم رفاقا وخلانا، وصرت كالأخرس أمامهم ليس لك إلا أن تستمع
وتتأثر؛ فحولوا من حياتك إلى ما وصفته لي.
لقد ذكرتني تلك الأحاديث التي
بثثتها لي بقوله تعالى، وهو يصف مشهدا من مشاهد الآخرة: {وَيَوْمَ يَعَضُّ
الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ
سَبِيلًا (27) يَاوَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28)
لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ
لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} [الفرقان: 27 - 29]
ثم حمدت الله تعالى، لأنك عضضت
أصابع الندم في الدنيا، ولم تعضضها في الآخرة، حين لا ينفعك الندم.
ولهذا أدعوك أن تراجع كل
علاقاتك، لا لتقطعها جميعا، وتعتزل الناس، فمعاذ الله أن آمرك بالقطيعة، والمؤمن
إلف مألوف، ولا خير فيمن لا يألف، ولا يؤلف.
ولكني أوجهك إلى تصحيح المعايير
التي تختار بها أصدقاءك، فأنت على حسب ما ذكرت لي كنت تنتقي الوجهاء والأثرياء..
وتتصور أنهم قد يقفون معك في المواقف الصعبة.. لكنك اكتشفت أنهم تركوك أحوج ما
تكون إليهم.. ولهم الحق في ذلك، فأنت لم تكن صادقا في صحبتهم.. ولذلك أعطاك الله
بحسب نيتك.
ولو كنت صادقا معهم، فصحبتهم في
الله ولله، لا لغرض من أغراض الدنيا، لما سكت عن المنكرات التي يقعون فيها تأليفا
لقلوبهم، وخشية من نفورهم.. فلذلك باعوك بسبب بيعك للحقائق والقيم، وخانوك لأنك
أنت أيضا كنت خائنا لهم بعدم