وليت الأمر توقف على ذلك،
فأخلاقهم سرت إليك، وحولتك نسخة طبق الأصل لهم.. وكيف لا يحصل لك ذلك، وقد قال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل)[1]
وقال: (مثل الجليس الصالح
والسوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك: إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه،
وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحا خبيثة)[2]
لقد كان في إمكانك أيها الرفيق
العزيز أن تختارك أولئك البسطاء الطيبين الممتلئين بالإيمان، والذين قد لا تجد لهم
عندهم ما ينفعك في أمور الدنيا، لكنك ستنتفع بهم كثيرا في أمور الدين.. وسيرققون
قلبك، ويملأونك إخلاصا وصلاحا وتقوى..
لكنك رغبت عنهم، ولم تسمع إلى أوامر
الله تعالى بصحبة الصالحين، والصبر معهم، وقد قال: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ
الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ
وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف:
28]، وقال معقبا على ذلك، ومحذرا من الغافلين أصحاب الأهواء:{وَلَا تُطِعْ مَنْ
أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا
} [الكهف: 28]
لو أنك سمعت إلى تلك الآية
الكريمة، وسمعت معها قوله a: (انظروا من تحادثون، فإنه ليس من أحد ينزل به الموت إلا مثل له
أصحابه في الله إن كانوا خيارا فخيارا، وإن كانوا شرارا فشرارا، وليس أحد يموت إلا
مثلت له عند موته)[3]
[1]
رواه أبو داود ج 2 ص 559 و رواه الكليني في الكافي ج 2 ص 375 و 642.
[2] رواه البخاري، الفتح 4 (2101) ،
مسلم (2628) واللفظ له..