وسمعت معهما قول لقمان مخاطبا
ابنه: (يا بني.. كما ليس بين الذئب والكبش خلة، كذلك ليس بين البار والفاجر خلة،
من يقترب من الزفت يعلق به بعضه كذلك من يشارك الفاجر يتعلم من طرقه، من يحب
المراء يشتم، ومن يدخل مداخل السوء يتهم، من يقارن قرين السوء لا يسلم، ومن لا
يملك لسانه يندم)[1]
لو أنك سمعت ذلك كله لجعلت الدين
والخلق الحسن المعيار الأول في الصحبة.. لأنك باختيارك للصاحب قد اخترت الصورة
التي تريد أن تصير إليها.
أعلم ما ستقول لي أيها الرفيق
العزيز.. فأنت ستذكر لي ذلك الصاحب المتدين الذي صحبته، ولم يزدك إلا بعدا عن ربك،
وعن دينك، ولست أدري ما أقول لك.
لكني أذكرك أنك توهمت أن التدين
لباس ومظاهر، وليس عقلا وقلبا وسلوكا.. لذلك بدل أن تقع في صحبة المتدين الصالح،
رحت تقع في صحبة المتدين الأحمق.. وأخطر أعداء الدين الحمقى.. لأنهم يجعلون من
الدين نفسه حمقا وغفلة.
ولو أنك سمعت لوصايا الحكماء في
التحذير من الحمقى، لوزنت عقل ذلك الصاحب قبل أن تنظر إلى لحيته أو قميصه..
فبالعقل يعبد الله، وليس باللحية ولا باللباس، وقد قال الإمام علي محذرا من صحبة
الحمقى: (لا عليك أن تصحب ذا العقل وإن لم يحمد كرمه، ولكن انتفع بعقله واحترس من
سيئ أخلاقه، ولا تدعن صحبة الكريم، فإن لم تنتفع بعقله ولكن انتفع بكرمه بعقلك،
وافرر كل الفرار من اللئيم الأحمق)[2]
وقال: (إياك ومصادقة الأحمق فإنك
أسر ما تكون من ناحيته أقرب ما يكون إلى