وقد قال سيد الحكماء، الإمام
علي، وهو يعظك ويعظني ويعظ الأمة جميعا: (ينبغي للمسلم أن يجتنب مؤاخاة ثلاثة:
الماجن والأحمق والكذاب، فأما الماجن فيزين لك فعله، ويحب أن تكون مثله، ولا يعينك
على أمر دينك ومعادك، ومقاربته جفاء وقسوة، ومدخله ومخرجه عليك عار، وأما الأحمق
فإنه لا يشير عليك بخير، ولا يرجى لصرف السوء عنك ولو أجهد نفسه وربما أراد منفعتك
فضرك، فموته خير، من حياته، وسكوته خير من نطقه، وبعده خير من قربه، وأما الكذاب
فإنه لا يهنئك معه عيش، ينقل حديثك وينقل إليك الحديث، كلما أفنى أحدوثة مطها
بأخرى حتى أنه يحدث بالصدق فلا يصدق، ويغري بين الناس بالعداوة وينبت الشحناء في
الصدور، فاتقوا الله وانظروا لأنفسكم)[1].
وقال بعده حفيده وتلميذه الإمام
الصادق: (لا تصحب خمسة الكذاب فإنك منه على غرور، وهو مثل السراب يقرب منك البعيد،
ويبعد منك القريب، والأحمق فإنك لست منه على شيء يريد أن ينفعك فيضرك، والبخيل
فإنه يقطع بك أحوج ما تكون إليه، والجبان فإنه يسلمك ويفر عند الشدة، والفاسق فإنه
يبيعك بأكلة أو أقل منها، فقيل: وما أقل منها؟ قال: الطمع فيها ثم لا ينالها)[2].
وقال: (لا تكون الصداقة إلا
بحدودها فمن كانت فيه هذه الحدود أو شيء منها فانسبه إلى الصداقة، ومن لم يكن فيه
شيء منها فلا تنسبه إلى شيء من الصداقة: فأولها أن يكون سريرته وعلانيته لك
واحدة، والثانية أن يرى زينك زينه وشينك شينه، والثالثة أن لا تغيره عليك ولاية
ولا مال، والرابعة أن لا يمنعك شيئا تناله مقدرته،