أيها الرفيق العزيز.. سمعتك
البارحة، وأنت تتحدث عن سيارتك الجديدة الفاخرة، وأنها آخر طراز، وأنه لا يوجد
نظير لها في البلدة التي تسكنها..
وقد أعجبك قول بعض محدثيك، وهو
يتزلف إليك، ويصف الأعناق التي تشرئب إليك كلما سرت بها، ومثلها العيون التي تذهل
عن كل شيء، لتحدق فيك وفيها.
وهكذا أعجبك إشادة الآخر بالبذلة
التي تلبسها، والحذاء الذي تنتعله، والحقيبة الدبلوماسية التي تحملها، والنظارات
الشمسية التي تستعملها..
وكنت تذكر لهم أن ذلك كله من
متطلبات وظيفتك الجديدة، والتي تستدعي أن تظهر أمام الناس بذلك المظهر الخاص..
ولست أدري ما أقول لك، فأنا أعلم
أن سيارتك القديمة كانت وافية بالغرض، وأنها أيضا كانت تعجبك.. لكنك استبدلتها، لا
لعطب فيها، وإنما لأن صورتها ومظهرها لا يتناسبان مع وظيفتك الجديدة..
وهكذ أصبح لوظيفتك الجديدة،
والمكانة الاجتماعية التي حصلت لك بسببها دورا كبيرا في كل حركاتك وسكنانك، وحتى
في طريقة حديثك، ومشيتك، وحملك لأغراضك.. فأنت لم تعد تزور الأسواق، وأنت تحمل
القفة كعادتك، لأن ذلك يضر بمكانتك الاجتماعية.. وهكذا لم تعد بتلك البساطة التي
كنت تظهر بها أمام الناس، بل صار الناس يهابونك، ولا يكادون يستطيعون الحديث معك.
لقد ذكرني وضعك الحالي، ووظيفتك
الجديدة، والأخلاق التي صرت بها، بقارون.. فهو أيضا ـ بعد أن نال الكنوز الكثيرة
التي وصل إليها بعلمه واجتهاده وحيله ـ