وكان a فوق ذلك كله إذا نام الناس يشتغل حارسا
لهم، فيهب عند كل فزعة، فعن محمد بن الحنفية قال: كان رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم أشجع الناس، وقال: فزع أهل المدينة ذات
ليلة، فانطلق الناس قبل الصوت، فتلقاهم رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم راجعا، وقد سبقهم إلى الصوت، وهو على
فرس لأبي طلحة عري، في عنقه السيف، وهو يقول: لم تراعوا، لم تراعوا، ما وجدت من
شئ، وقال للفرس: وجدناه بحرا، وإنه لبحر، قال: وكان فرسه بطيئا فيه قطاف فما سبق
بعد[1].
وكان a عند الغزو هو الترس الذي يتترسون به، فعن
بعض الصحابة قال: كنا إذا حمي البأس ولقي القوم القوم، اتقينا برسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فما يكون منا أحد أدنى من القوم منه[2].
وروى عنه أيضا قال: لما كنا يوم
بدر اتقينا المشركين برسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم،
وكان أشد الناس بأسا يومئذ، وما كان أحد أقرب من المشركين منه.
وعن البراء سأله رجل من قيس:
أفررتم عن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم يوم
حنين؟ فقال البراء: ولكن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم لم
يفر، كانت هوازن ناسا رماة، وإنا لما حملنا عليهم انكشفوا، وأكببنا على الغنائم،
فاستقبلونا بالسهام، ولقد رأيت رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم على بغلته البيضاء، وإن أبا سفيان بن الحارث آخذ بلجامها، وهو يقول:
(أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب)[3]
وهكذا كان a يشارك عوام الناس في الصغيرة والكبيرة، ويقضي حاجاتهم، ويجيب
دعواتهم، ويسمع شكاواهم، فعن عبد الله بن أبى أوفى قال: كان رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
[1] رواه ابن سعد، وهذا من جملة معجزاته a كونه ركب
فرسا قطوفا بطيئا فعاد بحرا لا يسابق، ولا يجارى.