أيها الرفيق
العزيز.. أنا أقدر كثيرا شغفك بمطالعة الكتب، واهتمامك بكل ما تصدره المطابع ودور
النشر منها.. وتتبعك لكل جديد، وتنقيبك عن كل قديم، فكل ذلك مما يوسع آفاقك، ويجعل
من عقلك عقولا كثيرة.
لكني أعتب عليك
فقط تقصيرك في مطالعة كلمات ربك وتدبرها ومحاولة استكشاف الحقائق المخزونة بين
طيات حروفها.. فتلك الكلمات المقدسة لا يمكن أن تقارن بها أي كلمات..
وكيف يقارن كتاب
ألفه أرسطو أو أفلاطون أو نيتشة أو انشتاين بكتاب أملاه الله تعالى على خلقه، بين
لهم فيه أسرار الوجود، وحقائق الكون، ومصيره، ومصيرهم، وذكر فيه من الأسرار ما لا
يمكن لأي عقل في الدنيا أن يصل إليه.. بل لا يمكن لأي عقل في الكون جميعا أن يعرفه
لولا كلمات الله المقدسة التي منّ بها على عباده.
ألا ترى أنك
بذلك الجفاء الذي تمارسه مع كلمات ربك، تقع في الجحود، حيث تأتيك الرسائل من كل
الجهات، فتقرأها، وتستوعبها، وتتدبرها، وتهتم بها، بينما تأتيك رسالة ربك، فلا
تكاد تبالي بها، أو تراعي تلك المعاني العظيمة التي حوتها.
لقد ورد في بعض
الآثار أن الله تعالى خاطب عباده المقصرين مع كلماته قائلا: (عبدي أمّا تستحيي
منّي يأتيك كتاب من بعض إخوانك وأنت في الطريق تمشي فتعدل عن الطريق وتقعد لأجله
وتقرأه وتتدبّره حرفا حرفا حتّى لا يفوتك منه شيء، وهذا كتابي أنزلته إليك انظر
كم وصلت لك فيه من القول؟ وكم كرّرت عليك فيه لتتأمّل طوله وعرضه؟ ثمّ أنت معرض
عنه، أ فكنت أهون عليك من بعض إخوانك يا عبدي، يقعد إليك بعض إخوانك فتقبل عليه
بكلّ وجهك وتصغي إلى حديثه بكلّ قلبك، فإن