يقال لقارئ القرآن: اقرأ ورتل
وارتق كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها)[1]
وسر ذلك أن كل قراءة جديدة تعطيك
معاني جديدة، وأسرارا جديدة، لم تكن لتفهمها لو اقتصرت على قراءتك الأولى، مثل
الدواء الذي لا يمكن أن يقوم بدوره في جسدك، ما لم يتنزل عليه كل حين، ويسري بين
الدماء ما دامت الدماء محتاجة إليه.
وهكذا الروح مع كلمات ربها.. فهي
الماء الذي تشربه، والهواء الذي تتنفسه، والدواء الذي تقضي به على كل الآفات،
والسلم الذي تصعد به أعلى الدرجات.. وقد ورد في الحديث قوله a: (القرآن هدى من الضلال، وتبيان من العمى، واستقالة من العثرة،
ونور من الظلمة، وضياء من الأجداث، وعصمة من الهلكة، ورشد من الغواية، وبيان من
الفتن، وبلاغ من الدنيا إلى الآخرة، وفيه كمال دينكم، وما عدل أحد عن القرآن إلّا
إلى النار)[2]
ولهذا كان الرسول a وورثته الكرام لا يوصون بشيء كما
يوصون بالقرآن الكريم، لأنهم يعلمون أن من قرأه بصدق وإخلاص، وعاش في بحار كلماته
المقدسة، سيتطهر لا محالة.. بل سيسمو في الآفاق العليا حتى ينال رضوان الله الذي
لا يناله إلا الطاهرون الصادقون المقدسون.
ففي الحديث قال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم: (من قرأ القرآن، ثمّ رأى أنّ أحدا
أوتي أفضل ممّا أوتي فقد استصغر ما عظّمه اللّه)[3]، وقال: (إنّ أهل القرآن في أعلى درجة من الآدميّين ما خلا النبيّين
والمرسلين، فلا تستضعفوا أهل القرآن حقوقهم، فإنّ لهم من اللّه