برجل مقام سمعة
ورياء فإنّ الله يقوم به مقام سمعة ورياء يوم القيامة)[1]
وفي حديث آخر
قال a: (من ذكر امرأ بشيء ليس فيه ليعيبه به حبسه الله
في نار جهنّم حتّى يأتي بنفاد ما قال فيه)[2]
وهكذا كان رسول
الله a يستعمل كل وسائل التنفير من الغيبة، والتحذير
منها، مثلما نستعمل نحن كل الوسائل من التحذير من التسميم ومخاطره؛ وقد كان يردد
كل حين: (يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان في قلبه، لا تغتابوا المسلمين،
ولا تتبّعوا عوراتهم، فإنّه من اتّبع عوراتهم يتّبع اللّه عورته، ومن يتّبع اللّه
عورته يفضحه في بيته)[3]
فإذا ذكر له
أحدهم بأنه لا يقول في غيبة أخيه إلا الحقيقة التي لا يزيد عليها حرفا واحدا، يقول
له: (إن كان فيه ما تقول، فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهتّه))[4]
وكان a لا يكتفي بذلك التنفير، وإنما يعتبر كل من سمع
الغيبة، وسكت ـ مثلما فعلت أيها الرفيق العزيز ـ مشاركا في تلك المائدة المسمومة
المشؤومة، ففي الحديث أن نفرا من أصحاب رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم ذكروا عنده رجلا فقالوا: لا يأكل حتّى يطعم،
ولا يرحل حتّى يرحل له، قال النّبيّ a:
(اغتبتموه). فقالوا: يا رسول اللّه إنّما حدّثنا بما فيه، قال: (حسبك إذا ذكرت
أخاك بما فيه)[5]
وهكذا عندما
وصفت له زوجه عائشة صفيّة بكونها قصيرة، ومع أنها اكتفت بالإشارة، ولم تتكلم بكلمة
واحدة، لكن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم لم يراع خاطرها ـ
مثلما راعيت
[1] أحمد
في المسند (4/ 229) ، وأبو داود (4881) واللفظ له وصححه الألباني: صحيح سنن أبي
داود (4084) ، والحاكم في المستدرك (4/ 127- 128) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه
ووافقه الذهبي..