أيها الرفيق العزيز..
سمعتك البارحة، وأنت على تلك القناة الفضائية المشاغبة، يشاهدك ملايين الناس، وأنت
توزع السباب والشتائم، وكل ألوان البذاءة والفحش، مخلوطة بكلام الله تعالى وكلام
رسوله a.. فأسأت إليهما أعظم إساءة.
نعم أنت انتصرت
فيها لما تتصوره من حقيقة، وواجهت خصومك بكل قوة، وأفلحت ربما في الكثير من ذلك..
ولكنك لم تر كيف أسأت للحقيقة، وكيف ظلمتها، وظلمت أهلها، عندما استخدمت في نصرتك
لها كل تلك الألفاظ السوقية البذيئة التي تتنزه عنها الحقائق، ويتنزه عنها أهلها،
والمدافعون عنها.
لقد كنت تقول لي
كل حين أنصحك فيه بمثل هذه النصيحة أنك تقتدي فيها بأعلام كبار، وأنك لم تفعل سوى
أن أعدت إحياءهم في كل مناسبة يتاح لك ذلك.
لقد رويت لي بسندك
الطويل عن الإمام أحمد أنه في ورعه وتقواه كان يقول: (إذا رأيت الرجل يغمز حماد بن
سلمة فاتهمه على الإسلام؛ فإنه كان شديداً على المبتدعة)
ورويت لي أن الإمام
الشافعي ذكر عنه البيهقي في مناقبه (أنه كان شديدًا على أهل الإلحاد وأهل البدع
مجاهراً ببغضهم وهجرهم)
وهكذا رحت تسوق
لي ما قاله الأئمة الحفاظ في وصفهم لمخالفيهم، أو لمن يتهمونهم في دينهم وعلمهم؛
فرويت لي عن الحافظ معمر بن عبدالواحد أنه قال تعبيرا عن تجريحه لإبراهيم بن الفضل
الأصبهاني الحافظ: (رأيته في السوق، وقد روى مناكير بأسانيد الصحاح، وكنت أتأمله
تأملا مفرطا.. أظن أن الشيطان قد تبَدَّى على صورته)
ورويت لي أن جرير
بن يزيد بن هارون قال في تجريح جعفر بن سليمان الضبعي: (رافضي مثل الحمار)