وكان لهم أسوة
في ذلك كله برسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم الذي لم يكن يهادن في
الحق، وكان مستعدا كل لحظة لكل أنواع القتل، وقد قال في ذلك: (والذي نفسي بيده، لولا أن رجالا من المؤمنين
لا تطيب أنفسهم بأن يتخلفوا عني، ولا أجد ما أحملهم عليه، ما تخلفت عن سرية تغزو
في سبيل الله، ولوددت أني أقتل في سبيل الله، ثم أحيا، ثم أقتل، ثم أحيا، ثم أقتل
ثم أحيا، ثم أقتل)[2]
هذه ـ أيها
الرفيق العزيز ـ أمارات العشق الصادق.. فدع عنك كل الدعاوى الباطلة؛ فلا يثبت حبه
وعشقه وولاءه إلا من باع نفسها كلها لله، ولم يكن كأولئك اليهود الذين كذبوا على
أنفسهم عندما ادعوا مراتب لم يصلوها؛ فاختبرهم الله تعالى بقوله: {قُلْ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ
زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا
الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (6) وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا
قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ } [الجمعة: 6، 7]
ثم بين خفة
عقولهم في ترك ذلك العرض الذي قدم لهم، فقال:{قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي
تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ
الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8) }
[الجمعة: 8]
وفي مقابل هؤلاء
وصف المؤمنين الصادقين بقوله: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا
عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ
يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا } [الأحزاب: 23]
لذلك أقول لك
أيها الرفيق العزيز.. أنت بين أمرين: بين أن تكف عن تلك