لقد رحت تدعو
إلى الفتنة، وقتل الرئيس، وكل من يحيط به، وقتل العسكر الذي يحميه، والشرطة التي
تحمي الموالين له.. لكنك عندما سئلت عن أولئك الملوك المستبدين الذين كانوا وراء
ما يحصل من فتن، رحت تتملق لهم، وتثني عليهم، وتعتبرهم من السائرين على سنن
النبوة، وأنت تعلم ما فعلوه بمال الأمة وأعراضها، وتعلم قبل ذلك أنهم أول الخونة لشعوبهم..
وتعلم أن تلك الأموال التي وضعوها في خزائن عدوهم، كان يمكنها أن تسد كل مسغبة،
وتصلح كل مفسدة.
أنا أعلم الأدلة
التي تستند إليها؛ فأنت تذكر لي أن ذلك الحاكم ظالم، وأن من حق الشعب أن يثور
عليه.. وقد لا أخالفك في هذا، ولكني أخالفك في ذلك التطفيف الذي جعلك تدين اللص
الذي سرق بيضة واحدة، وتسكت عن اللص الذي سرق شعبا كاملا.. وهذا هو التطفيف
بعينه.. بل هذه هي شهادة الزور التي توعد رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
من يقوم بها بالوعيد الشديد.
ثم إنك ـ أيها
الرفيق العزيز ـ لا تطفف في مواقفك فقط، بل تطفف في أحكامك أيضا؛ حيث أنك تصنف ذلك
الشعب الذي وقف مع حاكمه ظالما، وتصنف الذي وقف ضده مظلوما، وتضع الجندي الذي يحمي
بلده في خانة المجرمين، وتضع المرتزق الذي جاء من بلاد بعيدة ليقتل الناس ضمن خانة
المجاهدين.. تفعل كل ذلك من غير أن تجري تحقيقا، ولا أن تسمع شهادة.. فهل هكذا
يكون القضاء؟