responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : هكذا تكلم لقمان نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 108

اجوا

أنت تسمع الآن يا بني إلى حديثي، وتسمع معه أصوات الرياح الشديدة التي تكاد تقلع سقف بيتنا، وتتألم لذلك.. فلا تتألم له.. فما هذه الرياح برياح عذاب، وإنما هي رياح رحمة.. وأنت محتاج إلى العبور منها إلى معارف كثيرة، وحقائق سامية، وقيم مقدسة.. لن تصل إليها من دون ذلك العبور.

فالله تعالى ما خلق لنا الأشياء، ولا نوّعها لنا، لنسكن إليها، وإنما لنرحل إلى الحقائق المختفية خلفها، ونفتش عن المعاني المرتبطة برموزها.

وأول تلك الأسرار معرفتك بقدرة الله المطلقة، وأنه الخلاق البديع الذي لا يعجزه شيء.. ففي الوقت الذي تسمع فيه هذه الأصوات، وتفزع لها، هناك من يستمتع بهبوب النسيم العليل، وفي الحدائق الغناء.. وهناك من يرى العواصف الثلجية.. وهناك من يعيش بين الزوابع الرملية.. وهناك من يعيش تحت فيح الحر الشديد.. وهناك من يعيش تحت البرد الزمهرير.

وكل هذه الظواهر من إله واحد بيده القدرة على كل شيء.. وقد كان في إمكانه أن يجعل الجميع شيئا واحدا، لكن حكمته أبت إلا التنوع.. رحمة بعباده، ولطفا بهم.

فلو أن الله ما خلق الكون إلا بصورة واحدة لتوهم الخلق عجزه عن غيرها.. ولذلك كان التنوع في الكون دليلا على القدرة المطلقة.. وأن الله هو الخلاق الذي لديه كل التصاميم، وأن قدرته المطلقة تمتد إليها جميعا، من غير أن تفرق بين تصميم وتصميم.

وهذه المعرفة وحدها من يحميك من آثار هذا التنوع.. فمن الخلق من راح يزدهي به ويفتخر، ويتوهم أن الله ما اختار له أفضل البقاع، وأكثرها لطفا إلا لكونه

نام کتاب : هكذا تكلم لقمان نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 108
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست