الأفضل والأكرم.. معاذ الله أن يفرق الله بين عباده..
ولو أنه تواضع، وعلم أن ذلك فضل من الله عليه، ليشكره، ويحمده، ويجعله وسيلة لرحمة
من ابتلي بغير ما ابتلي به، لكان ذلك نافعا له..
لكن الكبر الذي
جعل إبليس يقول لآدم عليه السلام: { أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ
وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [ص: 76] هو نفسه الذي جعل تلاميذه من المستكبرين، لا
يفخرون بأعمالهم الصالحة التي عملوها، ولا بالقيم الطاهرة التي امتلأت بها نفوسهم،
وإنما يفخرون بلطف الجو الذي يعيشون فيه، وحدائقه الغناء، ونسيمه العليل.
وقد نسوا أن كل
ذلك ليس سوى عارية أعيرت لهم، وأنها مجرد دار يوشك أن يفارقوها، وأنهم بعد فراقهم لها،
سيلقون ما يتناسب مع كبرهم وضلالهم وغرورهم، وأنهم في تلك الدار التي تنتظرهم، لن
يجدوا ذلك النسيم الذي لم يحسنوا التعامل معه، وإنما يجدون ما وصفه الله تعالى
بقوله: {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ
وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ لاَّ بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ} [الواقعة:41 - 44]، وقال:
{انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ (30) لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ
اللَّهَبِ (31) إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (32) كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ
صُفْرٌ} [المرسلات: 30 - 33]
وقال للذين نفروا
من التكاليف التي كلفوا بها هربا من الحر الشديد: {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ
بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا
بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي
الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} [التوبة:
81]، ثم رد عليهم ببيان مدى تهافت الخيار الذي اختاروه، فقال: {فَلْيَضْحَكُوا
قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [التوبة: 82]
لذلك يا بني ..
لا تنظر إلى هذه الأجواء القاسية التي تعيشها في هذه البلدة..