responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : هكذا تكلم لقمان نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 115

البسيط.. فبقدر همم الأرواح تتعب الأجساد.

واعلم يا بني أن الذي خلق هذه الحجب في الدنيا قد وضع بينه وبين عزته من الحجب ما يحمي جنابها من أن يكون مثابة لكل قاصد، أو شرعة لكل وارد، فالله قد يعطيك الأشياء التي تريدها.. أما معرفته والتواصل معه، فيحتاج همة أعظم، ولذلك أُسدلت الحجب بين الخلق وبينها حتى لا يصل إلا الصادقون.

وقد روي أن رجلا من العباد قال مخاطبا ربه: (إلهي! إلى كم أعصيك، ولا تعاقبني؟!)، فأوحى اللّه إلى نبي ذلك الزمان، وطلب منه أن يقول له: (إلى كم أعاقبك و أنت لا تدري؟!.. ألم أحجبك عن لطائف أنسي!.. ألم أخرج عن قلبك حلاوة مناجاتي!)

هل علمت يا بني الحجب الحقيقية.. فهي ليست تلك التي حالت بيننا وبين ذلك الرجل الذي يوشك أن يترك منصبه، ويترك الدنيا جميعا.. ولكن الحجب الحقيقية هي التي تحول بينك وبين ربك.. فذلك هو الحجاب الأعظم الذي لا عقوبة أشد منه.. فما وجد من فقد الله.. وما فقد من وجده.

واعلم يا بني أن تلك الحجب الحائلة بين الله وخلقه، ليست من الله، وإنما من الخلق، فالله أعظم من أن يحجبه شيء.. ولكن الخلق هم الذين يسدلون بينهم وبين ربهم الحجب.. ألم تسمع قوله تعالى، وهو يحكي ما يحصل للذين آثروا الحجاب عن الله: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 15]، وبين سبب ذلك، وهو وضعهم للحجب في الدنيا، وإيثارهم لها، فقد قال تعالى قبل تلك الآية الكريمة: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: 14]، ليبين أن السبب في ذلك الحجاب ليس من الله، وإنما من عند أنفسهم، بعد أن ملأوا قلوبهم بأنواع الشبه التي تحول بينهم وبين ربهم.

نام کتاب : هكذا تكلم لقمان نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 115
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست