طلبت مني ـ بني ـ أن أحدثك عن الاقتصاد بعد أن حدثتك
عن السياسة، وأخبرتني أنهما أخوان شقيقان، وأن علامة نجاح الساسة، واستمرارهم في
الحكم، نجاحهم في الاقتصاد، وقد حاولت أن تبرر لي ذلك بما قرأته في علم الاقتصاد،
وارتباطه بعلوم كثيرة.
وأنا لا أجادلك
في ذلك، ولا أناقشك فيه؛ فأنا أعلم أنك درسته، بل كدت تتخصص فيه.. وأعلم أن بعضه
مما يكاد يعتبر من العلوم المحضة لارتباطه بالحساب والرياضيات وغيرها.
ولكني مع ذلك
سأحدثك عن عالم الحكمة، وعلاقته بعالم الاقتصاد.. فالحكمة لا تنظر إلى الأشياء..
وإنما تنظر إلى حقائقها وأرواحها والقيم المرتبطة بها.. وتنظر إلى المصير الذي
تصير إليه، ولا تحجب بالواقع الذي تعيشه.
لذلك تدعوك
الحكمة إلى عدم الاكتفاء باحترام السياسي الذي عرف كيف يدير اقتصاد بلده، قبل أن
تسأله عن مناهجه التي استعملها في ذلك، وهل هي متوافقة مع الأخلاق والقيم الرفيعة
وكرامة الإنسان، أم أنها تخالفها في ذلك؟
فقد رأيت من
الساسة من راح يشجع السياحة، لتُدر على بلده الثروات الضخمة، وقد أدرّت بالفعل على
بلده كل عملات العالم.. ولكنها أدرت معها كل فجورها وفسوقها وانحرافها.. حيث حول
من أرض بلده إلى بلد لا تختلف عن سدوم وعمورية .. وتلك الأقوام التي شنع عليها
الأنبياء بسبب الرذائل التي أتاحوها، والمنكرات التي أشاعوها.
نعم .. لقد نجح
في إدخال العملة التي يسميها صعبة إلى بلده، وأدخل معها