الكثير من الرذائل التي يصعب عليه أن ينزعها.. ولذلك
كان جوع قومه قبلها أحسن من شبعهم الذي أدخله عليهم، وأدخل معه كل المنكرات
والرذائل.
ورأيت مثله من
راح يشجع الشركات والمصانع على إنتاج كل شيء، من غير نظر في جدوى ذلك على أهل بلده
أو على غيرهم.. فراح الكثير منها ينتج السموم التي يسميها أغذية أو أدوية، لا
يراعي في ذلك إلا ما يدخل جيبه من ثروة، وما يدخل بلده من رفاه.. وأي قيمة لرفاه
وثروة تقتل الصحة، وتنزل أنواع البلاء.. وأي قيمة لجيوب ممتلئة مع صحة معتلة، وجسد
متهالك؟
ورأيت مثله من
يتيح للقنوات والصحف أن تنشر كل شيء.. وتبث كل الأكاذيب والرذائل في سبيل أن ينشط
الاقتصاد، ولو على حساب الأخلاق والقيم الرفيعة.. فأنشئت الأفلام والمسلسلات
والأشرطة والبرامج التي لا هم لها إلا تحطيم الإنسان، وتحويله إلى بهيمة لا يهمها
من الحياة إلا تلك المتع الدنية التي تتمتع بها.
ورأيت قبلهم
جميعا أولئك المستكبرين الذين أرسلوا جيوشهم للمستضعفين ليسرقوا ثرواتهم، ويستولوا
على خيراتهم، في سبيل أن ترضى عنهم شعوبهم، بسبب الأموال التي يدخلونها لهم.
إن هؤلاء جميعا
يا بني لصوص وقطاع طرق ومجرمون، وإن تصور الخلق أنهم قد نجحوا في عالم الاقتصاد،
أو حولوا بلادهم من التخلف إلى التقدم، ومن الفاقة إلى الرفاه.. فأي قيمة للمال
الحرام.. أي بركة لتلك الأرزاق التي يهان بها القيم والأخلاق والدين.
لذلك لا تنظر يا
بني إلى الاقتصاد بتلك العين العوراء التي تقتصر على الحسابات، فتقع فيما وقع فيه
قارون عندما راح يعد أمواله وكنوزه، ويفتخر بها، وينسى أن يحاسب نفسه عليها.