ولذلك علمنا سيد الحكماء رسول الله a أن نسأل عن القيم قبل أن نسأل عن الأموال، وأن نبحث عن الأخلاق قبل أن
نبحث عن الرفاه.. فليس الشأن أن نغتني بالمال، وإنما الشأن أن نغتني بالأخلاق..
لأنها هي التي تصحبنا إلى ربنا.. أما الأموال، فسنحاسب عليها من غير أن نأخذها
معنا.
لقد قال رسول
الله a يبين أهم المسائل التي يسأل عنها الإنسان في ذلك
العالم الذي يميز فيه الطيب من الخبيث: (ما تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن
أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما
أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه)
وحذر من أن يكون
هدف الإنسان تنمية ثروته، ولو على حساب أخلاقه، فقال: (الدنيا خضرة حلوة، من اكتسب
فيها مالا من حله وأنفقه في حقه أثابه الله عليه وأورده جنته، ومن اكتسب فيها مالا
من غير حله وأنفقه في غير حقه أورده الله دار الهوان، ورب متخوض في مال الله
ورسوله له النار يوم القيامة، يقول الله تعالى: {كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ
سَعِيراً} (الاسراء: 97)
وأخبر أن النار
تنتظر كل اللحوم التي نبتت من السحت والمال الحرام الذي حققه الرفاه الاقتصادي
الممتلئ بالشبهات، فقال a: (لا يدخل الجنة لحم ودم نبتا من سحت والنار
أولى به)، وقال: (لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به)
وأخبر أن من رضي
بالاستفادة من الحرام، ولو لم يساهم فيه، كان شريكا للمجرمين في جريمتهم، قال a: (من اشترى سرقة وهو يعلم أنها سرقة فقد اشترك في عارها وإثمها)
ولذلك، فإن كل
تلك الشعوب التي تطالب حكامها بالرفاه، ولو على حساب