الأخلاق، شريكة لها في كل جريمة ترتكبها.. ولو
بسكوتها عن الباطل، أو عدم وقوفها مع أهل الحق.
فقد رأيت من
السياسيين من يشترون صمتهم عن الجرائم التي يرتكبها معسكر الطغيان بسبب خوفهم من
العقوبات الاقتصادية، أو خوفهم على بعض مصالحهم، وهم بذلك شركاء في الجريمة، وهم
بذلك آكلون للمال الحرام، والشعوب التي ترضى عنهم بسبب ذلك لا تختلف عنهم فيه.
لذلك يا بني ..
لا تقع فيما يقع فيه أولئك الذين يعدون الأموال دون أن يبحثوا في مصادرها.. فإن
تلك الأموال ستنقلب وبالا عليهم..
وإياك أن تفعل
ما يفعله أولئك الذين فصلوا بين الأخلاق والاقتصاد والسياسة، فتحول الإنسان عندهم
إلى شيطان رجيم.. لا هم له إلا ملء بطنه من الأكل الحرام الذي يرتد وبالا عليه في
الدنيا والآخرة.
لعلك يا بني ترى
تلك الوحشة التي تكسو وجوههم، وذلك الضنك الذي تمتلئ به معيشتهم، مع أن لهم كل ما
يقتضيه الترف والرفاه.. وسبب ذلك غفلتهم عن تلك الأموال الحرام التي اختلطت
بطعامهم وشرابهم ولباسهم ومسكنهم، فحولته إلى تلك الحال.. فبركة الله أعظم من أن
تحل في محل ممتلئ بالحرام.
وكيف تحل البركة
بيوتهم أو نفوسهم، وقد وضعوا الحجب بينهم وبين ربهم بتناولهم للمال الحرام، وقد
ذكر رسول الله a الرّجل (يطيل السّفر أشعث أغبر، يمدّ يديه
إلى السّماء: يا ربّ! يا ربّ! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي
بالحرام، فأنّى يستجاب لذلك؟)[1]