سواء كانت شبهات علمية أو فلسفية أو نفسية أو
اجتماعية.. أو لمعت بأي بريق، أو ضمخت بأي عطر.. فهي جميعا وساوس شيطانية، استطاع
الشيطان بحيله ودهائه وخبرته بالإنسان أن يحولها إلى أمور مستساغة يمكن لمن لم
يستعمل عقله بالطريقة الصحيحة أن تمر عليه، وتؤثر فيه.
والآيتان
الكريمتان تبينان أن المنهج الذي اعتمده الشيطان لترسيخ تلك الشبهات هو منهج
التزيين والإغواء، وهو لا يعني أن الشيء المزين يحمل أي حقيقة جمالية، ولكنه يعني
أن ذلك المزين وضع بصورة بحيث تُقبل عليه العين، أو يقبل عليه الذوق، ثم يقع
الإنسان فريسة له بعد ذلك، مثلما يقع المدمن فريسة لذلك الشراب، أو تلك المخدرات
التي استعملها مرات عديدة إلى أن صارت متحكمة فيه.
ولذلك أخبر الله
تعالى أن من تزيينات الشيطان للمشركين قتل أولادهم، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ
زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ
لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا
فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ } [الأنعام: 137]
فمع أن هذه
الظاهرة لا تتناسب أبدا مع ما جبل عليه الإنسان من قيم الرحمة والحنان، وخصوصا على
الأولاد إلا أن الشيطان عبر أدواته المختلفة، استطاع أن يجعل من ذلك التصرف سلوكا
عاديا طبيعيا، أقره المجتمع، وراح يجد من يدافع عنه.
ولا نستغرب هذا،
فهناك من راحوا يضعون النظريات العلمية التي تساند التمييز العنصري، أو تحض على
العنف والإرهاب وكل أنواع الجرائم.. وكل ذلك بشبهات ينشرونها، سرعان ما تجد العقول
التي تصدقها، وتعتقد بما فيها.
وأنت تعرف يا
بني ما فعل النازيون والمستعمرون والمجرمون على مدار التاريخ.. فهم لم يتحركوا وفق
العقل الإنساني السليم الذي جبلنا الله عليه، وإنما