لذلك كان الورع يا بني هو المنجل الذي تطهر به أرض
نفسك من كل الحشائش الضارة التي تعتم عليها الرؤية، وتحول بينها وبين الترقي، أو
تصرفها عن السير إلى الله.
والورع يا بني
هو التقوى التي تجعل بينك وبين غضب الله آلاف الحواجز.. وهي التي تقي قلبك من أن
يمتلئ بالكدورات التي تغمسه في مستنقعات الأهواء والرذيلة.
ولذلك كان علامة
الكمال، لا علامة النقص.. فالناقص هو المستسلم لنفسه وأهوائه وشيطانه، والكامل هو
الذي يواجه كل ذلك، ويقاومه.
ولست أقصد يا
بني بالورع الوسوسة.. فهي مرض من الأمراض، أو هي ورع بارد لا قيمة له.. لأنها
تنطلق من نفس مريضة تختصر الدين في بعض شرائعه ومظاهره وطقوسه..
وإنما الورع ذلك
السلوك المرتبط بالعلم، فنحن نعبد الله بما شرع، لا بأهوائنا.. ولذلك إن رفع الله
تعالى الحرج عنا في الطهارة، فرحنا نبالغ فيها كنا مناقضين لما طلب منا..