دائما لأهل الباطل.. وأن سوق أهل الحق لن تقوم أبدا.
وفي مقابل ذلك
أثنى الله تعالى على الذين نالوا حظهم من العزة الإلهية، فقال عنهم، وهم في أشد
أنواع البلاء: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا
لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ
الْوَكِيلُ} [آل عمران: 173]
وقد بين الله
تعالى الجزاء الذي أعده لهم بسبب ركونهم إلى الله، فقال: {فَانْقَلَبُوا
بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ
اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيم} [آل عمران: 174]
ثم بين أن تلك
الذلة التي تعتري أولئك الذين يخضعون أمام الأقوياء، وينحنون أمام المستكبرين ليست
إلا أوهاما شيطانية، فقال: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ
أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } [آل
عمران: 175]
ولذلك، فإن
العزة ـ يا بني ـ لا تكون إلا لمن اقتنع بأن الله أكبر من كل شيء.. وردد ذلك بقلبه
ولسانه.. ليمحو كل أدعياء الكبر والتعالي.. ويتحولوا أمامه إلى مجرد أصفار لا قيمة
لها.. وهل يمكن لشيء أن يقوم أمام الله؟
لقد كان الإمام
الحسين ينظر بهذه النظرة عندما وجد نفسه وحيدا إلا مع فئة قليلة من المؤمنين.. وقد
دعي حينها إلى التسليم للطواغيت، لينال حظه من الدنيا، لكنه آثر البقاء على
العهد.. واختار الله.. فأكسبه الله عز الأبد..
لقد قال يعبر عن
نفسه والاختيارات التي وضعت بين يديه: (ألا وإنّ الدّعي ابن الدّعي قد ركز بين
اثنتين: بين السلّة والذلّة، وهيهات منّا الذلّة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله،
ونفوسٌ أبيّة وأنوفٌ حميّة مِنْ أنْ نؤثرَ طاعة اللئام على مصارع الكرام) [1]